مشاركة مميزة

الحنين - خواطر ولحظات وعي

  ✦ الحنين ✦ الحنين شعور غريب، يجمع بين الدفء والوجع، بين ابتسامةٍ خفية ودمعةٍ تسقط بلا استئذان. هو رحلة غير مرئية إلى الماضي، إلى أماكن وأشخاص وأوقات مضت، لكنها ما زالت حية في أعماقنا، كأنها لم تغادر قط. الحنين لا يحتاج إلى دعوة، يكفي أن تمر أغنية قديمة، أو رائحة عابرة، أو صورة باهتة، ليأخذنا على جناحيه ويعيدنا إلى لحظات حسبنا أننا نسيناها. لكنه يثبت لنا في كل مرة أننا لا ننسى، بل نخبئ الذكريات في زوايا القلب، وعندما يطرقها الحنين، تعود بكامل تفاصيلها. أحياناً، يكون الحنين أشبه بزيارة صديق قديم. يجلس معنا بلا كلام، فقط يحضر، فنبتسم لوجوده، حتى وإن كان يثقل صدورنا. وأحياناً أخرى يكون كعاصفة، تقتحمنا فجأة، فتجعل قلوبنا تضطرب، وأرواحنا تهتز، وتسيل دموعنا بلا وعي. الحنين لا يرحم. يضعنا في مواجهة مع صور لم تعد موجودة، مع أشخاص غابوا، مع أزمنة لن تعود. لكنه أيضاً يعلّمنا قيمة ما عشناه. لولا الحنين، لما عرفنا كم كانت لحظاتنا الماضية ثمينة، وكم أن الماضي رغم قسوته أحياناً، كان يحمل بين طياته جمالاً لا يتكرر. حين أحنّ، أكتشف أنني لا أحنّ فقط للأشخاص، بل أحنّ لنفسي القديمة. أشتا...

اي سكون هذا -خواطر ولحظات وعي

 أيُّ سكونٍ هذا؟


سكون البحر
اي سكون هذا

يقولون إن البحر هادئ…

لكن من يقف أمامه طويلًا، يعرف أن البحر لا يهدأ أبدًا.

أنا وقفت. نظرت. أصغيت.

فلم أسمع إلا صوته…

صوت الأمواج وهي تتكسر على ظهره، وكأنها تصرخ بصوتٍ مكتوم: “أنا هنا، لا تتجاهلني.”


أيُّ سكونٍ هذا الذي يحدثونك عنه؟

الموج لا يصمت، لا يهدأ، لا ينام.

كل تموجٍ فيه يشبه فكرة كانت هادئةً في بالك، ثم بدأت تُقلقك بلا سبب.

كل انكسار ضوءٍ فوق سطحه يشبه وعدًا كان لامعًا ثم تلاشى في لحظة.


كنت أظن أن السفر إلى البحر سيمنحني راحة.

لكن الحقيقة؟

البحر لا يواسيك… البحر يعرّيك.

يجردك من أقنعتك، من صبرك، من محاولاتك في تجاهل ما يؤلمك.

يرميك في وجه الحقيقة كما هي، بلا زينة.


وفي وسط هذا الصخب الأزرق،

اكتشفت أنني لا أحتاج إلى الهدوء،

بل إلى صوتٍ يشبهني.

وصوت البحر كان الوحيد الذي فعل.


هو لا يحكم، لا يقاطع، لا يلوم.

فقط يسمع…

ويحفظ كل شيء داخله، ولا يبوح.


تركت خلفي كل شيء،

ووقفت على طرف المركب،

أراقب تموجات الماء، وأشعة الشمس التي تتقافز كالذهب فوق سطحه،

وأنظر للفراغ الذي يسكنني…


وفهمت — أنني لا أحتاج إلى من يُهدئني،

بل إلى من يفهم ضجيجي، دون أن يطالبني بالصمت


تعليقات