مشاركة مميزة

الحنين - خواطر ولحظات وعي

  ✦ الحنين ✦ الحنين شعور غريب، يجمع بين الدفء والوجع، بين ابتسامةٍ خفية ودمعةٍ تسقط بلا استئذان. هو رحلة غير مرئية إلى الماضي، إلى أماكن وأشخاص وأوقات مضت، لكنها ما زالت حية في أعماقنا، كأنها لم تغادر قط. الحنين لا يحتاج إلى دعوة، يكفي أن تمر أغنية قديمة، أو رائحة عابرة، أو صورة باهتة، ليأخذنا على جناحيه ويعيدنا إلى لحظات حسبنا أننا نسيناها. لكنه يثبت لنا في كل مرة أننا لا ننسى، بل نخبئ الذكريات في زوايا القلب، وعندما يطرقها الحنين، تعود بكامل تفاصيلها. أحياناً، يكون الحنين أشبه بزيارة صديق قديم. يجلس معنا بلا كلام، فقط يحضر، فنبتسم لوجوده، حتى وإن كان يثقل صدورنا. وأحياناً أخرى يكون كعاصفة، تقتحمنا فجأة، فتجعل قلوبنا تضطرب، وأرواحنا تهتز، وتسيل دموعنا بلا وعي. الحنين لا يرحم. يضعنا في مواجهة مع صور لم تعد موجودة، مع أشخاص غابوا، مع أزمنة لن تعود. لكنه أيضاً يعلّمنا قيمة ما عشناه. لولا الحنين، لما عرفنا كم كانت لحظاتنا الماضية ثمينة، وكم أن الماضي رغم قسوته أحياناً، كان يحمل بين طياته جمالاً لا يتكرر. حين أحنّ، أكتشف أنني لا أحنّ فقط للأشخاص، بل أحنّ لنفسي القديمة. أشتا...

تعلمت ان اترك الأشياء تسقط -خواطر ولحظات وعي

 تعلمت أن أترك الأشياء تسقط


تعلمت ان اترك الأشياء تسقط
تعلمت ان اترك الأشياء تسقط

في بداية الرحلة، كنتُ أتشبث بكل شيء، أتمسك بأطراف الحكايات، أجمع التفاصيل الصغيرة، وأحاول إنقاذ كل شيء من السقوط. كان الخوف يحيط بي مثل جدار من زجاج هش، أخشى أن ينكسر في أي لحظة. كنت أظن أن الإنقاذ هو البطولة، وأن المحافظة على الأشياء كما هي دليل على الحب والاهتمام.


لكن مع الوقت، أدركت أنني لم أكن أنقذ الأشياء بقدر ما كنت أُثقل كاهلي بها. كل قطعة حاولت إنقاذها كانت تشدني نحو الأرض، تمنعني من الطيران، من الشعور بالخفة والحرية.


اكتشفت أن بعض الأشياء خلقت لتسقط، وأن السقوط ليس دائمًا نهاية، بل قد يكون بداية جديدة. تعلمت أن أراقب الأشياء وهي تتهاوى دون خوف، دون محاولة التمسك بها، دون أن أشعر بالذنب لأنني لم أستطع إنقاذها.


صرت أراقب السقوط بهدوء، كمن يشاهد أوراق الخريف تتناثر في الريح، أو موجة تتكسر على الشاطئ. في كل سقوط أرى فرصة جديدة، مساحة فارغة تنتظر أن أملأها بشيء جديد، بشيء أكثر جمالًا وصدقًا.


لم أعد أمانع أن تتهاوى الأشياء من حولي، لأنني أعلم الآن أن بعض الأحمال يجب أن تُترك خلفنا، أن بعض العلاقات يجب أن تنتهي، وأن بعض الذكريات يجب أن تصبح مجرد ماضٍ بعيد.


في النهاية، أدركت أن الحرية ليست في التمسك بكل شيء، بل في القدرة على ترك الأشياء تسقط بسلام. أن أتركها تهوي دون مقاومة، دون ندم، دون محاولة للعودة إليها.


الآن، لم أعد أخشى الفراغ الذي يتركه الفقد، بل أراه مساحة جديدة، فرصة لنقطة بداية أخرى، مكانًا للهواء النقي وللضوء الذي يخترق العتمة.


فكل سقوط يعني ولادة خفّة جديدة، ويعني أنني أتحرر من قيودي، أتعلم كيف أطير من جديد، وأترك خلفي كل ما لم يعد يشبهني.


SouadWriter#



 


تعليقات