مشاركة مميزة

الحنين - خواطر ولحظات وعي

  ✦ الحنين ✦ الحنين شعور غريب، يجمع بين الدفء والوجع، بين ابتسامةٍ خفية ودمعةٍ تسقط بلا استئذان. هو رحلة غير مرئية إلى الماضي، إلى أماكن وأشخاص وأوقات مضت، لكنها ما زالت حية في أعماقنا، كأنها لم تغادر قط. الحنين لا يحتاج إلى دعوة، يكفي أن تمر أغنية قديمة، أو رائحة عابرة، أو صورة باهتة، ليأخذنا على جناحيه ويعيدنا إلى لحظات حسبنا أننا نسيناها. لكنه يثبت لنا في كل مرة أننا لا ننسى، بل نخبئ الذكريات في زوايا القلب، وعندما يطرقها الحنين، تعود بكامل تفاصيلها. أحياناً، يكون الحنين أشبه بزيارة صديق قديم. يجلس معنا بلا كلام، فقط يحضر، فنبتسم لوجوده، حتى وإن كان يثقل صدورنا. وأحياناً أخرى يكون كعاصفة، تقتحمنا فجأة، فتجعل قلوبنا تضطرب، وأرواحنا تهتز، وتسيل دموعنا بلا وعي. الحنين لا يرحم. يضعنا في مواجهة مع صور لم تعد موجودة، مع أشخاص غابوا، مع أزمنة لن تعود. لكنه أيضاً يعلّمنا قيمة ما عشناه. لولا الحنين، لما عرفنا كم كانت لحظاتنا الماضية ثمينة، وكم أن الماضي رغم قسوته أحياناً، كان يحمل بين طياته جمالاً لا يتكرر. حين أحنّ، أكتشف أنني لا أحنّ فقط للأشخاص، بل أحنّ لنفسي القديمة. أشتا...

لم اكن اقرأ -خواطر ولحظات وعي

 

لم أكن أقرأ

لم اكن اقرأ
لم اكن اقرأ 

لم أكن أقرأ.
كنت أراقب من خلف شاشةٍ خفيّة، كأن بيني وبينهم مرآة لا تعكس وجهي، بل تعكس وجوههم.
أشخاص لا أعرف أسماءهم، لكنني حفظت ارتجاف أصواتهم، تلعثم خطواتهم، وذبول نظراتهم.
أماكن غريبة، كأنها لا تنتمي لهذا العالم…
فيها العيون لا ترمش،
والكلمات لا تُقال،
والصمت هو اللغة الوحيدة المفهومة.

في أحد المشاهد، شعرت بأن الزمن توقف.
وفي آخر، كنت أنا من يتكلم دون أن أنطق.
رأيت امرأة تهرب من ذاتها،
ورجلًا يبحث عن ظله في زوايا النسيان،
وشخصًا يجلس في ركنٍ قصي، يراقب الأحداث كأنها لا تخصّه…
ولكنه كان الجزء الأعمق من القصة.

لم أكن أمسك كتابًا، بل كنت أحمل مرآة لروحي،
وكل صفحة كانت تكشف لي ما أخفيه عن نفسي.
كل جملةٍ كنت أقرؤها بصوتٍ داخليّ، لم يكن صوت الكاتب، بل كان صوتي أنا.
صوت الخوف،
والفضول،
والتساؤل،
والرغبة في الفهم.

هل ما رأيته كان جريمة؟
أم مجرّد حياةٍ عادية تفيض بالتفاصيل الموجعة؟
هل كان مشهدًا خياليًا؟
أم أن الخيال هو الحقيقة الوحيدة التي نُصدّقها؟

أفقت من تلك الحالة…
عدت إلى مكاني، إلى ضوءٍ خافت وهدوءٍ مألوف،
وإذا بالكتاب في يدي، كما لو أنه لم يفلتني بعد.
نظرت إليه…
وهمست لنفسي:
"لقد عشت القصة، ولم أخرج منها بعد أن انتهت."

# SouadWriter



تعليقات